المصيبة تجمع “الحزب” و”التيار”: فهل يكرر باسيل لعبة الـ 2005؟

المصيبة تجمع “الحزب” و”التيار”: فهل يكرر باسيل لعبة الـ 2005؟

كتب طوني عطية في “نداء الوطن”:

ما يجمع اليوم بين “حزب الله” و”التيار الوطنيّ الحرّ” هو الهزيمة والخوف المشترك من السقوط الكامل. الأوّل خرج من “حرب الإسناد” مُثقَلًا بالخسائر العسكرية والمعنوية، وعجز عن فرض إرادته السياسية، بالسلبطة والقوة التي طالما تغنّى بها وأتقن استعمالها. الثاني، غادر الحكم متآكلًا شعبيًّا وفاقدًا نفوذه، بعد عهدٍ رئاسيّ كارثيّ، اتّسم بالفوضى والصفقات والانشقاقات الداخلية الوازنة، وتسليم رقبة لبنان إلى “محور الممانعة”.

في السياسة، تقود الإخفاقات والخسائر عادة/ أو من المفترض، إلى مراجعة ذاتية و”فحص ضمير”. أما في لبنان، فتدفع أطرافها إلى الاحتماء ببعضهم البعض، وعقد اتفاقيات نفعية تحت جنح الليل، وفوق ركام وطنٍ، ساهم السلاح غير الشرعي في تدميره. فـ “المصيبة تجمع”.

“الحزب” المأزوم داخليًّا والمحاصر خارجيًّا، يحتاج إلى غطاء بأي ثمنٍ ومهما كانت هويّته. وبالفعل ذاته، يبحث “التيار” عن منقذٍ، خصوصًا أن المعركة النيابية خلف الأبواب. يَعلَم الأخير، أن نتائج الانتخابات البلدية، كانت مؤشّرًا خطيرًا إلى صحّته السياسية والشعبية. لذا، يعاني رئيسه النائب جبران باسيل من هاجسٍ مُثلّث:

– نقمة شعبية لبنانية ومسيحية عارمة ضدّ “حزب الله”، بعد توريطه لبنان بحرب غبية، وبالتالي تجاه كلّ من ناصر “الحزب” واعتبره “مقاومة وطنية” في وقت من الأوقات.

– صعود سياسي وشعبي متزايد لـ “القوات اللبنانية” وتحوّلها الرقم الأوّل على الساحة المسيحية ومحطّة أساسية للموفدين الدوليين.

– وهج العهد الجديد، حيث أنّ اللبنانيين بحسّهم السياسي التلقائي وتجربتهم المريرة، يقارنون بين الرئيس جوزاف عون، وسلفه ميشال عون وظلّه الحاكم جبران باسيل. أي بين عهدٍ يتطلّع الناس إليه، وآخر يحاولون نسيانه.

في ظلّ هذه المتغيّرات، فَقَدَ جبران باسيل عامل المبادرة الذي كان يُميّز تحرّكاته وديناميكياته السابقة، وأصبح اليوم بلا خطاب سياسي واضح. يعتمد على ردود الأفعال تجاه الأحداث. ارتداؤه وشاح “المعارضة” مجرّد قناع باهت، لا يستر هشاشة وتذبذب مواقفه.

إزاء هذا المشهد المعقّد، يستعيد باسيل لعبة قديمة، أجادها العماد ميشال عون، خلال مرحلة الـ 2005 المفصلية في تاريخ لبنان. فبين عودته من “المنفى” الباريسي والتحضير للانتخابات النيابية في تلك السنة، رفع الأخير منسوب خطابه المُعارض لسلاح “حزب الله”، وأطلق سهامه السياسية ضدّ “قوى 14 آذار” وزجّ الجميع في قفص الاتهام، من أجل شدّ عصب الشارع المسيحي وحصد أصواته. في المقابل، كانت الصفقة مع أركان السلطة آنذاك قد تمّت قبل مغاردة “الجنرال” العاصمة الفرنسية، وتُوّجَت في ما بعد بـ “تفاهم مار مخايل”.

من هذا المنطلق، لا يضع باسيل “بيضه في سلّة واحدة”، بل يناور على أكثر من خط. يُبقي خيوط التواصل مع “حزب الله” ممدودة، حتى وهو ينتقد سلاحه، فيما يُغازل القوى الدولية بخطاب سيادي متبدّل. يريد استمالة الجمهور المسيحي الذي خسره، وتنظيف صورته الغربية والعربية من جهة، وتحسين شروط التفاوض مع “الحزب” من جهة أخرى. في هذا السياق، أفاد مصدر مطّلع على الحركة “الباسيلية”، بأنه خلال شهرٍ، عُقد اجتماعان لمسؤولين وإعلاميين في “التيار الوطني الحر” و”حزب الله”، إضافة إلى ممثلين عن وسائل إعلامية “ممانعة” محسوبة على “الحزب” تحديدًا، في منزِلَيْ قياديَّيْن من “التيار” داخل بلدَتَين جُبَيليَتَيْن، الأولى ساحلية والثانية جردية. أمّا الهدف، فهو التنسيق والتحضير للانتخابات النيابية المقبلة، وشنّ حملة ممنهجة مباشرة على “القوات اللبنانية” ووزرائها من ناحية، وغير مباشرة على العهد من باب الحكومة ورئيسها نوّاف سلام من ناحية أخرى، وتفادي انتقاد رئيس الجمهورية. وأشار المصدر المُتابع، إلى أن تلك اللقاءات استُبعد منها “تيار المرده”.

LinkedIn
Share
Copy link
URL has been copied successfully!

الأخبار