يتساقط حمض ثلاثي فلورو الأسيتيك على الأرض مع قطرات المطر، وهو أحد نواتج الصناعات الكيميائية التي تعجز الطبيعة عن تفكيكها أو التخلص منها.
وتشير مجلة Nature إلى أنّ العلماء رصدوا ارتفاعًا في تركيز حمض ثلاثي فلورو الأسيتيك (TFA) في جميع أنحاء العالم، لكنهم لا يتفقون على مدى خطورته على البشر والأنظمة البيئية.
ووفقًا للباحثين، يوجد حمض ثلاثي فلورو الأسيتيك (TFA) في النباتات، والجليد، والمياه الجوفية، وحتى في الأطعمة والمشروبات. وينتمي هذا الحمض إلى فئة من الملوّثات تعرف شعبيًا باسم “المواد الكيميائية الأبدية”، نظرا لعدم قدرة الطبيعة على تفكيكها.
ولا يتراكم هذا الحمض في أنسجة الجسم البشري، بل يطرح مع البول، وهو ما يجعل بعض الخبراء يعتبرونه أقل خطورة مقارنة بغيره من الملوثات.
وتعد الغازات المفلورة، المستخدمة في الثلاجات، ومكيّفات الهواء، ومواد العزل، وبعض الأدوية، المصدرَ الرئيسي لهذا الحمض. إذ تتحلل هذه الغازات تدريجًا في الغلاف الجوي، مكوّنة حمض TFA، الذي يتسرّب بعد ذلك إلى التربة عبر مياه الأمطار، من دون أن تتمكّن الطبيعة من التخلص منه.
وبحسب العلماء، لم تدرس تأثيرات هذا الحمض على صحة الإنسان بشكل كاف حتى الآن. وقد أظهرت تجارب على الحيوانات أنّ الجرعات العالية جدًا منه قد تسبب اضطرابات في النمو، في حين لا تزال آثار الجرعات الصغيرة، التي قد تدخل الجسم بشكل تراكمي عبر الماء والطعام، غير واضحة.
كما أظهرت بعض الدراسات أنّ هذه المادة قد تتداخل مع العمليات الأيضية، مما يؤدي إلى انخفاض مستويات الدهون في دم الفئران. أما النباتات، فتحتفظ بالحمض ولا يتبخر منها مع الرطوبة، وقد يؤثر وجوده في التربة على تحلل المواد العضوية.
وتصنّف منظمات دولية، من بينها برنامج الأمم المتحدة للبيئة (UNEP)، هذا الحمض على أنه مادة منخفضة المخاطر. غير أن وكالتين اتحاديتين في ألمانيا اقترحتا تصنيفه كمادة سامة للوظيفة الإنجابية.
ويناقش الاتحاد الأوروبي حاليًا إدراج حمض TFA ضمن قائمة المواد المحظورة، وهو ما قد يترتب عليه حظر استخدام عدد من المبردات والمبيدات الحشرية.
أمّا النقطة الوحيدة التي يتفق عليها العلماء، فهي عدم وجود بيانات كافية عن هذا الحمض. وهم يؤكدون الحاجة إلى فهم أعمق لمصدره، وكيفية تأثيره على الكائنات الحية، والعواقب المحتملة لتراكمه على المدى الطويل.
ويظل هذا الحمض، مع استمراره في التراكم في الطبيعة، خارج نطاق آليات التطهير البيئية المعروفة.