عون حدّد الآلية التنفيذية لحصر السلاح

عون حدّد الآلية التنفيذية لحصر السلاح

كتب غاصب المختار في “اللواء”:

استبق وزير المال في الكيان الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش جلسة مجلس الوزراء اللبناني الثلاثاء المقبل المخصصة لإعلان الموقف من موضوع حصرية السلاح بيد الدولة ومن المطالب الأميركية بهذا الخصوص، بإعلانه أن «الجيش الإسرائيلي لن ينسحب من النقاط الخمس في جنوب لبنان. و أن القرى التي دمّرها الجيش الإسرائيلي في جنوب لبنان لن يُعاد بناؤها». كما استبق بساعات قليلة الموقف الذي أعلنه الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم بأن المقاومة لن تسلّم سلاحها قبل وقف الاعتداءات الإسرائيلية والانسحاب من النقاط الخمس. وبذلك يكون الوزير الإسرائيلي قد أعطى عن قصد أو عن جهل أو عن تكبّر وغطرسة حزب الله والدولة اللبنانية كل الأسباب الموجبة للتمسّك بموقفيهما من المطالب الأميركية، لا سيما بعدم وجود أي ضمانة أميركية فعلية للجم الاعتداءات الإسرائيلية والانسحاب من النقاط المحتلة.

كما ان سموتريتش أكد رأي الحزب بأن الاحتلال يناور ولن ينسحب من الجنوب، حيث قال الشيخ نعيم: «هم واقفون عند النقاط الخمس لكي ‏يساعدهم الأميركي ويضغط على اللبنانيين وينزع السلاح كما يقولون، ويصبح لبنان بلا قدرة، فيتوسّعون ‏من النقاط الخمس، حتى يصلوا إلى عدة قرى لكي ينتشروا فيها، وتدريجياً يجعلونها مستوطنات ‏لاحقاً، والسلاح الذي معنا هو قوة للبنان ولمقاومة إسرائيل ولا علاقة له بالداخل اللبناني». ولكنه استدرك «نحن ‏نقول اننا مستعدون لنناقش كيف يكون هذا السلاح جزءاً من قوة لبنان. لكن، لن نقبل أن يُسلَّم السلاح إلى ‏إسرائيل.‏ ونحن في موقع دفاعي وهذا الدفاع لا حدود له عندنا ومهما كان الثمن». ما يعني ان الشيخ نعيم ولو انه رفع سقف التفاوض حول السلاح، لكنه ترك الباب مفتوحاً بالكامل وليس موارباً لمناقشة دور السلاح في تعزيز قوة لبنان وحقّه بالدفاع عن نفسه، وهو الحق الذي منحته الإدارة الأميركية لكيان الاحتلال ومنعته عن لبنان.

لكن المفارقة ان تصريح سموتريتش كشف النوايا الإسرائيلية الحقيقية التي يؤكدها حزب الله يومياً صبح مساء، ولو ان البعض قد يعتبره من باب التهويل والضغط السياسي على لبنان، لكن حتى لو كان كذلك فإن كلامه يعني ان لا انسحاب من النقاط المحتلة ولا تسليم للأسرى و لا وقف للاعتداءات قبل خضوع لبنان لكل المطالب الإسرائيلية التي تعني كما قال الشيخ نعيم انها نزع لقوة لبنان، ولا سيما ان المطلوب أيضاً حتى لو سلّم الحزب كل السلاح الخفيف والمتوسط والثقيل والصواريخ والمسيّرات فهو سيذهب بمعظمه للتلف وليس الى الجيش اللبناني، الذي يطالب من سنوات بسلاح يؤمّن الدفاع الفعلي عن لبنان أو على الأقل يؤمّن نوعاً من التوازن والردع للإحتلال.

وحسناً فعل رئيس الجمهورية جوزاف عون بكشفه للرأي العام في كلمته لمناسبة عيد الجيش، أبرز نقاط التعديلات اللبنانية الرسمية على الورقة الأميركية، والتي كما قال «لا يستطيع أي لبناني أن يرفض هذه التعديلات»، لأنها تتضمن كامل حقوق لبنان ومطالبه، ولا يستطيع لا الأميركي ولا غيره أن يرفضها أو يتحايل عليها. بل ان كشف المطالب اللبنانية المحقّة قد يُحرج الأميركي ويدفعه لتغيير موقفه أو تليينه، وإلّا عبثا يسعى للتفاوض من جديد طالما انكشفت مواقفه ونواياه الحقيقية.

ولعلّ ما تسرّب عن لقاء الرئيس عون برئيس كتلة الوفاء للمقاومة من «إيجابيات» يمكن أن تسهم في التوافق على صيغة القرار أو البيان الذي سيصدر عن مجلس الوزراء، إذ «كان اللقاء عبارة عن جلسة مصارحة في العديد من الملفات بانتظار، تبلور الصورة أكثر في الأيام المقبلة»، وفق ما أفاد موقع «العهد» التابع لحزب الله.

وحتى لو تحفّظ خصوم الحزب من وزراء بعض القوى السياسية على ما يصدر، فإنّ مصادر رسمية أكدت لـ «اللواء» ان الجلسة «بتقطع» ولن تكون هناك عرقلة أو انسحابات لوزراء منها، والاتصالات الجارية أوحت بهذا الأمر، ولا سيما ان الرئيس عون حدّد الكثير من التفاصيل المتعلقة بالآلية التنفيذية بعد صدور القرار السياسي عن الحكومة، وهي ستكون مناطة بالجيش اللبناني الذي سيتسلّم سلاح الحزب وبمتابعة من المجلس الأعلى للدفاع الذي يرأسه رئيس الجمهورية.

وعلى هذا يجب أن يستخدم لبنان ورقة كلام سموتريتش في القرار الذي سيتخذه في مجلس الوزراء الثلاثاء لأنه يسهم بتحصين موقفه وتحقيق مطالبه من ضمانات مؤكدة وموثوقة وفعلية من الجانب الأميركي بأن الاحتلال سيوقف اعتداءاته، وانه من حق لبنان الرسمي والشعبي الدفاع عن أرضه إذا تجدّد العدوان، أو إذا استمر احتلال بعض النقاط في الجنوب لاحقاً بحجة ضمان الأمن لمستوطنات شمال الكيان الإسرائيلي في حال جرت مفاوضات تثبيت الحدود البرية. كما للبنان الحق في امتلاك السلاح الدفاعي الفعّال إسوة بكل دول العالم التي تحترم سيادتها واستقلالها والتي تعتمد التسليح الدفاعي الفعّال ولو انها لم تستخدمه.

فهل تفعلها الحكومة وتتخذ الموقف الصلب؟ وهل تراجع الإدارة الأميركية موقفها المتحيّز إذا كانت فعلا تريد استقراراً مستداماً في لبنان والمنطقة كما تدّعي؟ أم ان ما يهمّها هو استقرار الكيان الإسرائيلي وأمنه فقط؟

LinkedIn
Share
Copy link
URL has been copied successfully!

الأخبار