ساعات عصيبة قبل التمديد الأخير: ضغوط أميركية لإنهاء اليونفيل

ساعات عصيبة قبل التمديد الأخير: ضغوط أميركية لإنهاء اليونفيل

غادة حلاوي – المدن

صعوبات بالجملة تعترض التمديد لقوات الطوارئ الدولية لفترة إضافية، إذ لم يتم التوصل بعد إلى صيغة متفق عليها، رغم أن الاحتمال الأكبر هو التمديد لسنة جديدة على أن تكون الأخيرة لعمل اليونيفيل في لبنان. وتكثّف بعثة لبنان في نيويورك، عبر السفير أحمد عرفة، اتصالاتها مع الدول الأعضاء في محاولة لمنع إضافة فقرة تنص على أن التمديد سيكون لمرة أخيرة، ومن دون أن يشمل ذلك أي تعديل في المهام أو الدور المنوط بهذه القوات.

في التفاصيل، أُرجئت الجلسة من 25 آب إلى 31 منه، فيما يشكّل يوم الجمعة المهلة النهائية للتمديد. لكن هذا التمديد، وعلى الرغم من إصرار لبنان عليه، سيجعل وجود عناصر اليونيفيل موقتاً بحيث تبدأ هذه القوات التحضير لمغادرتها في النصف الثاني من العام المقبل.

تؤكد مصادر دبلوماسية أن التمديد لسنة واحدة فقط فرضته سياسة الرئيس الأميركي دونالد ترامب الذي قلّص ميزانيات قوات حفظ السلام بعد انتقادات من أعضاء في الحزب الجمهوري لعمل هذه القوات، معتبرين أن الأموال المرصودة لها بلا جدوى. ومن المعروف أن الولايات المتحدة تسدّد نحو 25% من ميزانية اليونيفيل العاملة في جنوب لبنان، فيما يخصص جزء من هذه الميزانية كمساعدة للجيش اللبناني عبر بدلات فيول للقيام بدوريات مشتركة مع اليونيفيل.

لبنان: اليونفيل ضرورة

المساعي لا تزال قائمة للتوصل إلى تفاهم يضمن استمرار وجود هذه القوات. ويستند لبنان في حجته إلى الظروف الراهنة في جنوب البلاد التي تستوجب وجود قوات حفظ السلام، مؤكداً أن إنهاء عمل هذه القوات لا يجوز أن يتم قبل وقف العدوان الإسرائيلي وانسحاب إسرائيل من النقاط التي لا تزال تحتلها. ويشدّد لبنان في رسالته إلى مجلس الأمن على أن وجود اليونيفيل ضرورة ملحّة إلى حين بسط الدولة سلطتها الكاملة، وهو يرفض ترك الجنوب من دون قوة فصل دولية. كما يحرص لبنان على إظهار التزامه بتنفيذ القرارات الدولية، ويدعو المجتمع الدولي إلى مواكبته في هذا المسار.

الدول الأعضاء تتفهم مبررات لبنان، وتسعى فرنسا، بصفتها حاملة القلم في مجلس الأمن، إلى إقناع بقية الدول بالتمديد لعام إضافي من دون أن يكون الأخير، لكنها تصطدم برفض الولايات المتحدة. وفي موقف نادر، خالفت بريطانيا الموقف الأميركي وأيّدت التمديد غير المشروط، كما دعمت الصين وروسيا موقف لبنان.

لا تميل بعض المصادر إلى تفسير الموقف الأميركي بأسباب سياسية، بل تربطه حصراً بسياسة ترامب في تقليص النفقات. لكن وجهة نظر أخرى ترى أن واشنطن، ومن خلال دورها في محادثات ترسيم الحدود البحرية سابقاً، تريد دفع لبنان إلى الدخول في مفاوضات مباشرة مع إسرائيل، بعيداً عن وجود اليونيفيل التي تشارك في اللجنة الثلاثية في الناقورة. وقد بدا واضحاً كيف عملت الولايات المتحدة على تقليص دور اليونيفيل وفعاليتها في مراقبة وقف النار، وجعلت تقاريرها بشأن الخروقات أقل فاعلية.

يعتبر لبنان أن إنهاء عمل اليونيفيل بعد عام لا يصب في مصلحته، إذ إن هذه القوات لن تؤدي دورها كاملاً طالما أن وجودها محكوم بمهلة قصيرة. كما أن الجيش اللبناني، الذي يُفترض أن يتولى المهام في الجنوب وعلى الحدود مع سوريا، لا يملك العدة والعديد الكافيين حالياً للقيام بهذه المهمة.

إسرائيل وإزاحة اليونفيل 

وتفيد معلومات صحيفة “المدن” أن لا تعديل على دور اليونيفيل ومهامها، وأن لبنان يعمل على سلّة تفاهمات ضمن القرار، لكن الأمور لم تُحسم بعد. وبالنظر إلى التوجّه الأميركي لإنهاء مهام اليونيفيل بعد عام، يصبح واضحاً أن إسرائيل حققت مكسباً بإزاحة هذه القوات في فترة حساسة يمر بها لبنان، بينما تحظى إسرائيل بدعم استثنائي من إدارة ترامب.

المصادر نفسها ترى أن الظروف تغيّرت، وأن لبنان يرزح تحت ضغط كبير، وهو بحاجة إلى مواكبة التطورات من حوله وإلا لكان الثمن على حسابه.

يبقى أن يومين فقط يفصلان عن قرار التمديد لليونيفيل، فيما يواصل لبنان مساعيه الدبلوماسية التي تصطدم بفيتو أميركي ذي خلفية مالية داخلية، لكنه يندرج أيضاً ضمن الضغوط السياسية الأميركية على لبنان لدفعه إلى مفاوضات مباشرة مع إسرائيل حول الحدود والانسحاب ووقف العدوان، مقابل خطوات مطلوبة من لبنان تبدأ بحصرية السلاح بيد الدولة، ثم الإصلاحات وترسيم الحدود.

ويبقى السؤال: ماذا سيفعل لبنان إذا انتهى عمل اليونيفيل في الجنوب؟ وكيف سيواجه الفراغ؟ وهل لدى الجيش العديد الكافي لبسط سيطرته على كامل الحدود مع إسرائيل؟
والأهم، كيف سيمرّر قرار التمديد، وهل ستنجح مساعيه، أم أن الولايات المتحدة ستنهي عمل اليونيفيل بعدما قلّصت دورها لصالح لجنة المراقبة التي تخطط لأن تلعب دوراً أوسع في المرحلة المقبلة؟

LinkedIn
Share
Copy link
URL has been copied successfully!

الأخبار