كتب أحمد عوض في موقع “عين الحقيقة – EOT News”:
في السنوات الأخيرة، ومع تصاعد الأزمات الاقتصادية والصحية، تحوّل التمريض المنزلي إلى حاجة فعلية للكثير من العائلات في لبنان. المرضى كثر، والقدرة على دخول المستشفيات تراجعت، فباتت خدمات التمريض في المنازل خيارًا شبه إلزامي… لكن خلف هذا “الخيار” تكمن فوضى لا يُسلّط الضوء عليها كثيرًا.
اليوم، يعمل عدد كبير من الممرضين والممرضات في ظروف غير واضحة، وغالبًا دون عقود أو أي حماية مهنية. التشغيل يتم عبر مكاتب خاصة تُعرف بـ”مكاتب الغاردات”، وبينما تتولّى هذه المكاتب تنظيم التواصل بين المريض والممرض، إلا أن الواقع يكشف عن استغلال واضح في بعض الحالات.
كثير من العاملين في هذا المجال يشتكون من نسب اقتطاع مرتفعة من أجورهم. فالمكتب قد يتقاضى من المريض مبلغًا محترمًا، لكنه لا يمنح الممرض سوى جزء بسيط منه، بحجج إدارية مختلفة. وفي النهاية، من يسهر ويتعب ويتابع الحالة الصحية هو الممرض، لكن العائد لا يعكس لا الجهد ولا المؤهل.
أحد الممرضين عبّر عن هذا الواقع ببساطة فقال:
“صرنا لعبة بين أيدي السماسرة. منشتغل من قلبنا، ومنتعب، وبالآخر المصاري بتروح للي واقف عالباب. ما في عقود، ولا في أيحماية حقيقية. وبدن أحسن خدمة بأقل سعر! نحنا مش عبيد، نحنا ممرضين، وتعبنا مش ببلاش.”
المشكلة لا تتوقف عند الأجور. إنما تمتد إلى غياب أي إطار قانوني واضح يحدد العلاقة بين الممرض والمكتب، أو حتى مسؤولية كل طرف. وهذا يفتح الباب أمام تجاوزات كثيرة، من دون أي جهة تحاسب أو تراقب.
وفي وقت سابق، عقدت جمعية الممرضات والممرضين العاملين في التمريض المنزلي اجتماعًا انتخابيًا لاختيار هيئة إدارية جديدة. خطوة كان يُعوّل عليها كثيرًا للبدء بتنظيم هذا القطاع ومتابعة قضاياه. إلا أن الواقع، حتى الآن، لم يتغير. لا خطط تنفيذية ظاهرة، ولا حتى بيان يوضح خريطة الطريق المقبلة.
من هنا، تأتي هذه الدعوة، بهدوء واحترام، إلى نقابة الممرضات والممرضين في لبنان والجمعية المنتخبة:
القطاع بحاجة لتنظيم عاجل.
ليس فقط لحماية الممرض، بل لحماية صورة المهنة نفسها، وكرامة المريض أيضًا. فالعشوائية لا تخدم أحدًا، والاستغلال لا يمكن أن يكون قاعدة. المطلوب هو إطار واضح، يضمن الأجر العادل، ويحمي الممرض من التهميش، ويمنح المريض خدمة تليق بكرامته وصحته.
التمريض المنزلي ليس تفصيلاً صغيرًا في المنظومة الصحية. بل هو ركيزة أساسية تحتاج منّا جميعًا إلى وقفة مسؤولة.